شرخ العلاقات

عندما نكون في حالة حب (لدرجة العمى ) وإندماج مع من نحب نغفل عن كل العيوب والنقائص التي تمر علينا في هذه العلاقة ، و لا نكون مستعدين لملاحظتها وإصلاحها والعمل على تطوير العلاقة ، كما لو أننا نكون في حالة سُكر ونكون كما قال الشاعر (((وعين الرضا عن كل عيب كليلة ))) ،لكن عندما ننتقل من حالة الحب هذه إلى حالة الملل والكراهية والبغض نتيجة لأي عاصفة قوية تمر بنا ،أو تغيرات تظهر في حياتنا أو يتقادم الزمان بهذه العلاقة ، يصبح لدينا عينا صقر لمشاهدة وملاحقة وملاحظة النقائص والعيوب التي لدى الطرف الأخر وفي هذه العلاقة ، وننتقل للمرحلة الثانية التي قال عنها الشاعر (((وعين السخط دوماً تبدي المساوئ))) .

ترى ما الذي قلب الموازيين من حالة الحب إلى درجة العمى والهيام إلى حالة من الكراهية لدرجة الموت والسخط الشديد ؟؟؟!!!!!!! أعتقد أن السبب لهذه الحالة هو فقدان التوازن في شكل العلاقة الإنسانية ، التوازن الذي ليس فيه إفراط أو تفريط بل ترك الباب موارباً في نظر كلا الحبيبين أو الصديقين أو أياً يكن إلى علاقتهما وإلى شخصيهما كإنسان لديه الكثير من العيوب والنقائص والأخطاء ،والتعامل مع هذه الأخطاء والعيوب والنقائص بعقل وليس بنصب حبل المشنقة لإعدام المقصر و المخطئ وقليل التجارب .

هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يتناول هذا الأمر قال عليه الصلاة والسلام :

(((أحبب حبيبك هوناً ما ، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوماً م ((( .

هذا الحديث قليل من الناس من ينتبه له ويحاول فهمه وتطبيقه في علاقته مع الأخر معنى هذا الحديث باختصار ((لا تسرف في الحب والبغض ، فعسى أن يصير الحبيب بغيضاً ، والبغيض حبيباً ، فلا تكون قد أسرفت في الحب فتندم ، ولا في البغض فتستحي منه إذا أحببته((.

إذاً هذا الحديث يرسم خط واضح ويضع نظام لما يجب أن تكون عليه العلاقات الإنسانية من محبة ومودة وبغض وكره بين الأشخاص بصفة عامة ، وخاصة بين المحبين ، سواء كان هذا الحب بين رجل وامرأة ،أو بين الأصدقاء بعضهم مع بعض ، وجعل لها نظاماً ، وذلك لكي يحافظ على طول عمر هذه العلاقة والمحبة والمودة ، ولكي يحميها من الفشل والانكسار والشرخ الذي ممكن أن تتعرض له أثناء مواجهة المشاكل والتحديات والصعوبات وتقلبات الحياة .

ولكن البعض منا قد يصاب في علاقته مع شخص أخر بشرخ أو انكسار فيقول (أللي انكسر ما يتصلح – وكل شيء بيننا انتهى - وأنا كنت مخدوع أو مخدوعة بك والكثير من هذه العبارات الصاروخية ) .

هذا الكلام صحيح في حالة المزهرية والزجاج ، وفي حالة الجاهل الذي لا يعرف حقيقة النفس الإنسانية التي تحكمها نقاط الضعف وقلة العلم والتجارب المحدودة .

أما في حالة العلاقات الإنسانية فهذا الكلام غير صحيح لماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لأن هناك أشياء كثيرة جمعت بين شخصين في هذه العلاقة ربما أحلام تمنوا أن تتحقق يوماً ما ، أيام جميلة قضوها معاً ، تجارب صعبة مروا بها ،آلام وأمال مشتركة ، مواقف مضحكة ومحزنة ومفرحة ومقالب وذكريات وغير ذلك كثير .

لذلك لا يمكن مسح هذه العلاقة من الذاكرة ومن الأيام ومن العقل ومن القلب ومن المزاج والنفسية بكل بساطة بمثل هذه العبارات. وأخيراً فلنردد قول عمر رضي الله عنه : (( لا يكن حبك كلفاً ولا يكن بغضك تلفاً )) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق